ما زالت ملابسات اغتيال القائد العسكري للثوار الليبيين اللواء
عبد الفتاح يونس الذي كان من الموالين للعقيد معمر القذافي، غامضة لكن
مقتله يشكل ضربة سياسية وعسكرية قاسية لهم خاصة وان الأنباء تتضارب حول
أسباب وظروف مقتله، الذي أعلنه رئيس المجلس الانتقالي في مؤتمر صحفي ليل
الخميس في بنغازي.
الثورة قد تلتهم أبناءها، وماضي الأشخاص لا يغادرهم أبدا،
فاللواء عبد الفتاح يونس الذي اغتيل مع رفيقيه العقيد محمد خميس والمقدم
ناصر مذكور، كان الرجل الثاني في النظام الليبي قبل أن يعلن انضمامه إلى
الثورة ويصبح سريعا قائد جيوشها على جبهات القتال مع نظام العقيد.
ورغم ما أعلنه احد أركان الثورة الذي رفض الكشف عن اسمه
حين اتهم قوات القذافي بالاطلاع بدور في عملية الاغتيال، فقد علمت إذاعة
مونت كارلو الدولية أن الاغتيال نفذ كأنه حكم بالإعدام على شخص كان مستدعى
للمثول أمام لجنة للتحقيق بموضوعات تتعلق بجوانب في الشؤون العسكرية
وتحديدا متعلقة بوفاة عناصر من الثوار انتمت دائما وفي أكثر من مكان لنفس
المجموعة.
و علمت إذاعة مونت كارلو الدولية من مصادر خاصة أن رجال
المجموعة حقدوا على اللواء بالنظر إلى ماضيه ما بعث شكوكا دفعت المجلس
الانتقالي للتحقيق معه، لكن البعض ارتأى أن ينفذ الحكم فيه فورا، في وقت
يعاني فيه المجلس الانتقالي من انتشار المجموعات المسلحة التي تتصرف كأنها
ميليشيات وتسعى بنفسها لتصفية الحسابات.
وكان اللواء عبد الفتاح يونس تولى في الماضي رئاسة ما عرف ب
"وحدة مكافحة الإسلاميين المتشددين" وتعقبهم واصدر بحقهم عقوبات قاسية وهو
ما لم يغفره له هؤلاء، فهل يكونون هم المسؤولين عن قتله؟ هذا ما تميل
لتأكيده بعض المصادر لمونت كارلو الدولية.
يتواكب ذلك مع ما ذكرته صحيفة "ذا تايمز" البريطانية قبل
أيام من كون المجلس الوطني يبذل جهودا كبيرة لحرمان المتشددين الإسلاميين
من الحصول على موطئ قدم في الثورة الليبية ويسعى لجعل جميع الكتائب الثورية
تنضوي تحت لوائه وألا تعمل خارج إطار سيطرته ما قد يقود إلى فوضى كبيرة
وعمليات إجرامية.
يبقى أن رئيس المجلس الانتقالي سعى مباشرة لاحتواء قبيلة
العبيدي التي ينتمي إليها المقتول والتي تعتبر من أكثر القبائل تعدادا في
ليبيا وتملك الكثير من المقاتلين على الجبهة وقد أعلن الحداد ثلاثة أيام
وفتح تحقيقا للوقوف على ملابسات ما جرى.
إنها أشباح الماضي الليبي تستيقظ لتبعث في قلب الثورة مخاطر
لم تشهدها منذ انطلاقتها في السابع عشر من شباط فبراير، كأن تكون الثورة
مقبلة على انقسامات داخلية أو عمليات تصفية أخرى تعقب هذه السابقة التي
تشكل منعطفا غير مسبوق في مسار الثورة.
من ناحيتها، فرنسا التي كانت من أول داعمي الثوار دعت إلى
الحذر في التعاطي مع موضوع اغتيال يونس أما بريطانيا فأدانت عملية الاغتيال
ورحبت بإعلان فتح التحقيق.
|