قالت صحيفة لوموند إن اعتقال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان بتهمة
محاولة اغتصاب خادمة في أحد فنادق نيويورك أثر بشكل واضح على اجتماع
المجموعة الأوروبية في بروكسل أمس الاثنين رغم ترؤس مديرة البنك الدولي
بالإنابة نعمت شفيق، خاصة أنها مختصة في مسائل التنمية وليس المسائل
المالية والنقدية.
وقال مسؤول في الصندوق إنه إذا لم يتمكن ستراوس كان من إثبات براءته، فستُطلب منه المغادرة.
وأوضحت الصحيفة أنه مع بدء الأزمة النقدية في اليونان
بنهاية عام 2009 وقف ستراوس كان في وجه المتشددين الذين تزعمتهم ألمانيا
والبنك المركزي الأوروبي، حيث كان يؤيد دعما جديدا لليونان لتأخير موعد
عودتها إلى الأسواق بنهاية 2012 أو حتى أبعد من ذلك.
وباقتراب مغادرة محافظ البنك المركزي الأوروبي
جان كلود تريشيه، كان مدير صندوق النقد المعتقل يُعتبر حجر الأساس لأوروبا
ونظام اليورو، ووفق دبلوماسي أوروبي فقد كان عنصرا أساسيا لإعادة إطلاق
المفاوضات، والوحيد الذي أقنع البلدان الصاعدة، وأعضاء الصندوق الدولي
والرافضين لمساعدة الأوروبيين الذين تضغطهم الديون بأنه ينبغي منح
المساعدات لأن الانهيار في أوروبا سيكون مضرا بباقي دول العالم.
البلدان الضعيفةوتوقعت
الصحيفة أنه في غضون الأيام القليلة المقبلة، ستتجدد الهجمات على البلدان
التي ما زالت تعاني من الصعوبات المالية، فاليورو انخفض في آسيا أمس، وإذا
كان المتعاملون في السوق يعتقدون أن أوروبا وصندوق النقد الدولي لا يمكنهما
توفير مبلغ ستين مليار يورو إضافية تطالب بها اليونان، فقد يفلت الموقف
بسرعة ويخرج عن السيطرة.
وأكدت الصحيفة أن غياب رئيس صندوق النقد من
شأنه أن يعقّد العمل في مجموعة العشرين تحت الرئاسة الفرنسية. فقد تمكن
ستراوس كان من تحويل مؤسسته إلى وسيط ضروري على المستوى التقني، فخدمات
الصندوق تشمل معظم الحالات: إصلاح النظام النقدي الدولي أو تطوير أدوات
لقياس خطر عدم التوازن في الاقتصاد الكلي، ومتابعة فائض الوفرة أو الدين،
وخطر عدم استقرار الموازين التجارية، واختلال سعر الصرف أو تدفق رؤوس
الأموال المفرط.
وقالت الصحيفة إن مهارات ستراوس كان التفاوضية
وقدرته على تحقيق توافق عالمي في الآراء، تجعل من الصعب أن يحل أي أحد محله
في قمة الثمانية في 27 مايو/ أيار بدوفيل بفرنسا، إذ لا أحد يستطيع أن
يتنقل في نهاية يونيو/ حزيران المقبل ذهابا وإيابا بين آسيا وأميركا
وأوروبا من أجل تقريب وجهات النظر لضمان نمو الاقتصاد العالمي بطريقة قوية
ومتوازنة ومستدامة.
وبغيابه، قد تتعزز القوى المركزية لتتجاوز قوة صندوق النقد الدولي الذي يمثل الأمانة العامة الفعلية لمجموعة العشرين.
وداخل الصندوق نفسه، تبدو أحداث نيويورك وكأنها
زلزال، فقد ورث ستراوس كان صندوق النقد الدولي وهو يعاني من عجز بسبب
سياسات متهورة ذات آثار الاجتماعية سيئة.
وفي 30 أبريل/ نيسان الماضي، اختتمت الميزانية
بفائض وصل إلى 1.261 مليار دولار، وبعض المنظمات غير الحكومية في واشنطن
أقرت بأنها باتت تجد صعوبة في انتقاد المدير.
وبعدما كان صندوق النقد الدولي "بعبعا"، أصبح "طبيبا" يعالج الدول التي تواجه الإفلاس.
وأضافت الصحيفة أن خبر اعتقال ستراوس كان نزل
كالصاعقة على اليونان، حيث قال الناطق الرسمي باسم الحكومة أمس الأول الأحد
إن العلاقة مع صندوق النقد "مؤسسية"، ولكن العلاقة الشخصية بين ستراوس كان
ورئيس الوزراء جورج باباندريو، لعبت دورا أساسيا لتمكين خطة إنقاذ اليونان
في مايو/ أيار 2010.
وتصدرت عناوين التشاؤم الصحف اليونانية اليومين
الماضيين، لأن باباندريو توجه إلى ستراوس كان عندما اكتشف ضخامة حجم العجز
الذي تعاني منه البلاد، وبالفعل تحرك الأخير بسرعة في خطة لصالح اليونان
بينما كان الزعماء الأوروبيون يتخبطون.