أكد قادة في الجيش الإسرائيلي أن الأحداث التي تعيشها الدول العربية تدفعهم إلى استكمال خطط وضعت قبل عام للتعامل مع احتمال اندلاع انتفاضة شعبية فلسطينية، وذلك وسط تقديرات بأن الجيش لن يكون قادرا على الاعتماد على قوات السلطة الفلسطينية رغم درجة التنسيق العالية بين الطرفين.
وكشفت مصادر أن من بين الدروس التي تعلمها الجيش الإسرائيلي بعد ثورتي تونس ومصر، جمع المعلومات على أساس ما يدور في الأحياء السكنية والإنترنت والشبكات الاجتماعية وليس فقط عن طريق المعلومات الاستخباراتية وعن المنظمات الفلسطينية.
وأعرب ضباط "إسرائيليون" كبار خدموا في الضفة الغربية عن مخاوفهم من عدم وجود طريقة للتعامل بفعالية مع انتفاضة شعبية واسعة النطاق وغير عنفية قد تشهدها الضفة الغربية، ورجحوا احتمال اندلاعها بشكل خفيف ومحدود.
ويؤيد هذا الرأي المحاضر في العلوم السياسية في جامعة بار إيلان مناحيم كلاين، إذ يعتبر أنه في ظل الثورات في العالم العربي من ناحية، وانسداد الأفق السياسي أمام الفلسطينيين من ناحية أخرى، وإدراكهم أن الخلاص لن يكون عن طريق أميركا من ناحية ثالثة، فإن مسألة اندلاع انتفاضة شعبية لا ينقصها إلا شرارة لإشعالها.
واقترح ضباط آخرون عدم منع المظاهرات الكبيرة للفلسطينيين طالما أنها لا تحاول دخول المستوطنات، في أسلوب لم يعتد عليه الجيش الذي يعتبر أي محاولة للإضرار بنقطة تفتيش أو بالجدار "عملاً عنيفاً" يلزم استخدام القوة والغاز المدمع والرصاص المطاطي.
تنازلات بلا مقابل
ويضيف كلاين أن أحداث الأسابيع الأخيرة أومأت إلى أن التنازلات السياسية الفلسطينية لا تجلب الدعم الأميركي بل انتفاضة غير عنيفة من قبل الفلسطينيين، مشيراً إلى معارضة عباس بشدة اقتراحات طرحت في دوائر مختلفة لتنظيم انتفاضات شعبية.
ويستشهد كلاين بقيام قيادة السلطة وقدامى حركة "فتح" بفرض قيود واحتواء المظاهرات الأسبوعية التي تجري في بلعين وقرى أخرى، معللا هذه الخطوة بأنهم يرون –إضافة إلى خشيتهم من صعود منافسين لهم- أن التوجه نحو مواجهات عنيفة ستجلب للفلسطينيين الضرر.
ويرى كلاين أن الفلسطينيين استفادوا من "النموذج الناجح" غير العنيف في أنحاء العالم العربي، والانضباط الذي يبديه المتظاهرون، حيث بات الفلسطينيون يعلمون بأنه بهذه الطريقة يمكن تحقيق إنجازات تاريخية.
وخلص للقول إن حالة عدم الارتياح في الشارع الفلسطيني كبيرة جداً، فاليأس من العملية السياسية ومن إسرائيل والولايات المتحدة يشمل دوائر واسعة، في ظل وجود بنية تحتية تكنولوجية في المجتمع الفلسطيني، خاصة في ضوء أن المجتمع الفلسطيني شاب بطبعه انسدت الآفاق في وجوههم بسبب إسرائيل.
سلاح الإنترنت
ووفقا لتقارير صحفية إسرائيلية فإن سلاح الإنترنت وحده سينجح في تفعيل أزمات المجتمع الفلسطيني، حيث أثبتت الثورات أنه يمكن استخدام الشبكات الاجتماعية والمدونات أداة لبلورة الآراء وتنظيم الاحتجاج ضد السلطات.
وتظهر معطيات لمكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني أن 57% من سكان أراضي السلطة الفلسطينية يستخدمون الحاسوب، وأن 32% منهم فوق سن العاشرة.
كما أعلنت "وول ستريت جورنال" أن قطاع غزة صاحب الرقم القياسي لمستخدمي الإنترنت في العالم العربي حتى أكثر من دول الخليج، ومن المشوق المعرفة أنه بالذات في عهد حماس حظيت كتابة المدونات الغزية بزخم هائل، وسجل ارتفاع في عدد المتصفحين في الشبكات الاجتماعية.
وحسب التقديرات فقد ظهرت 15 مدونة في غزة حتى العام 2008 أما الآن فيبلغ عددها بالمئات، وفي واقع الإغلاق على قطاع غزة أصبح المدونون المستقلون مصدر معلومات غير رسمية عن الحياة فيه.
وشكلت عملية الرصاص المصبوب أحد العوامل لاتساع المدونات حيث تعززت جدا الحاجة للتعبير، ورغم أن معظم المدونات تكتب بالعربية وتتوجه إلى الجمهور في غزة والضفة والعالم العربي، لكن يعمل إلى جانبها عدد لا بأس به من المدونات بالإنجليزية والموجهة للجمهور الدولي.